الاستقامة

الحمد لله وكفى والصلاة والسلام على عباده الذين اصطفى .

فإنه واجب على كل أحد أن يستقيم على دين الله تعالى .

ُسئل صديق الأمة وأعظمها استقامة؛ أبو بكر الصديق ( رضي الله عنه ) عن الاستقامة فقال: ألا تشرك بالله شيئا.

وقال عمر بن الخطاب (رضي الله عنه): الاستقامة: أن تستقيم على الأمر والنهي، ولا تروغ زوغان الثعالب.

وقال عثمان بن عفان (رضي الله عنه): استقاموا: أخلصوا العمل لله.

وقال عليٌّ، وابن عباس (رضي الله عنهم): استقاموا: أدوا الفرائض

أصل الاستقامة:

قال ابن رجب رحمه الله تعالى (جامع العلوم 193): "أصل الاستقامة استقامة القلب على التوحيد، وقد فسر أبو بكر ( رضي الله عنه) الاستقامة في قوله تعالى: إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا.

بأنهم لم يلتفتوا إلى غيره؟

الأمر بالاستقامة:

قال تعالى: فلذلك فادع واستقم كما أمرت ولا تتبع أهواءهم. وقال تعالى: ( فاستقم كما أمرت ومن تاب معك ولا تطغوا). وقال تعالى : ( وأن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله). ثبت في المسند وسنن ابن ماجة عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قال حط لنا رَسُولُ اللَّهِ ( صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ) خَطًّا، ثُمَّ قَالَ: «هَذَا سَبِيلُ اللَّهِ»، ثُمَّ خَطَّ خُطُوطًا عَنْ يَمِينِهِ وَعَنْ شِمَالِهِ ثُمَّ قَالَ: «هَذِهِ سُبُلٌ مُتَفَرِّقَةٌ، عَلَى كُلِّ سَبِيلٍ مِنْهَا شَيْطَانٌ يَدْعُو إِلَيْهِ»، ثُمَّ قَرَأَ: ( وأِنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ).

وقال تعالى: ( قل إنما أنا بشر مثلكم يوحى إلي أنما إلهكم إله واحد فاستقيموا إليه واستغفروه).

والمعنى: فاسلكوا الطريق الموصل إليه، واطلبوا مغفرته.

وأمر بها نبي الله (صلى الله عليه وسلم) ، فقد أخرّج الطبراني والحاكم من حديث عبد الله بنِ عمرو بن العاص ( رضي الله عنهما ): أنَّ معاذَ بن جبل أراد سفراً، فقال: يا رسولَ الله أوصني، قال: « اعبد الله، ولا تشرك به شيئاً ». قال: يا رسول الله زِدني. قال: « إذا أسأتَ فأحسنْ »، قال: يا رسول الله زدني. قال: ( استقم ولْتُحْسِنْ خلقك).

وعن سفيان بن عبد الله الثقفي (رضي الله عنه) أنه قال: قلت: يا رسول الله: قل لي في الإسلام قولا، لا أسأل عنه أحدا بعدك. قال: ( قل آمنت بالله ثم استقم).

ثمرات الاستقامة:

الأجر الجزيل:

قال صلى الله عليه وسلم : « اسْتَقِيمُوا وَلَنْ تُحْصُوا » رواه مالك في الموطأ وابن ماجة.

الرزق الوفير:

قال مطرف: معناه ولن تحصوا مالكم من الأجر إن استقمتم.

الحفظ في الدنيا والآخرة، والبشارة عند الموت بعدم الخوف والحزن، والبشارة بالجنة.

قال تعالى: ( إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا تتنزل عليهم الملائكة ألا تخافوا ولا تحزنوا وأبشروا بالجنة التي كنتم توعدون نحن أولياؤكم في الحياة الدنيا وفي الآخرة ولكم فيها ما تشتهي أنفسكم ولكم فيها ما تدعون * نزلا من غفور رحيم).

فكيف تتحقق الاستقامة؟

بالدعاء:

ونحن نقول في كل ركعة: ( اهدنا الصراط المستقيم ).

بالصبر على الطاعة:

قال تعالى: وَلَوْ أَنَّا كَتَبْنَا عَلَيْهِمْ أَنِ اقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ أَوِ اخْرُجُوا مِنْ دِيَارِكُمْ مَا فَعَلُوهُ إِلَّا قَلِيلٌ مِنْهُمْ وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُوا مَا يُوعَظُونَ بِهِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ وَأَشَدَّ تَثْبِيتًا * وَإِذًا لَآَتَيْنَاهُمْ مِنْ لَدُنَّا أَجْرًا عَظِيمًا * وَلَهَدَيْنَاهُمْ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا{ (آل عمران: 66-68).

بإتباع السنة:

قال تعالى: ( وإنك لتدعوهم إلى صراط مستقيم).

بالإيمان:

قال تعالى: ( وإن الله لهاد الذين آمنوا إلى صراط مستقيم).

بإتباع القرآن:

قال تعالى: وإذ صرفنا إليك نفرا من الجن يستمعون القرآن فلما حضروه قالوا أنصتوا فلما قضي ولوا إلى قومهم منذرين * قالوا يا قومنا إنا سمعنا كتابا أنزل من بعد موسى مصدقا لما بين يديه يهدي إلى الحق وإلى طريق مستقيم).

أسأل الله أن يهدينا إلى سواء السبيل، وأن يسددنا، ويوفقنا لكل خير. وصلى الله تعالى على نبيه الأمين.




المقالات ذات صله