في ذكرى وفاة القصبجي

في ذكرى وفاة القصبجي.. قصة الملحن الأول للست ومُعلم محمد عبدالوهاب
بألحانه المميزة تربع على عرش الموسيقى لسنوات، الملحن الأول لكوكب الشرق، أم كلثوم وصاحب الفضل في تعليم الموسيقار محمد عبدالوهاب أصول الموسيقى، رغم ما وصل إليه من شهرة في عالم الموسيقى المصرية إلا أنه رفض التخلي عن مكانه خلف أم كلثوم حاملا للعود، وكأنهما أصبحا متلازمين، فلا يذكر اسمها إلا ويتبع باسم القصبجي.

تحل اليوم، ذكرى وفاة الملحن والموسيقار محمد القصبجي، الذي توفي عام 1966 عن عمر يناهز الـ73 عاما، بعد أن قدم أعمالا عديدة ولحن للكثير من المطربين أبرزهم أم كلثوم، فكان الملحن الأول لها، بالإضافة إلى أسمهان وزكي مراد، كما علم محمد عبدالوهاب العزف على العود.

نشأ القصبجي في عائلة موسيقية، حيث كان والده أحمد القصبجي مدرسًا لآلة العود وملحنًا لعدة فنانين، لذلك نما لدى القصبجي حبه للموسيقى منذ صغره وتعلق بها، لكنه لم يحد عن طريق العلم فالتحق بالكتاب وحفظ القرآن الكريم وانتقل إلى الأزهر الشريف حيث درس اللغة العربية والمنطق والفقه والتوحيد، ثم التحق بعد ذلك بدار المعلمين التي تخرج منها معلمًا.

كان على القصبجي أن يلتحق بالسلك التعليمي ووالده أراد له احتراف العمل الديني، لكن هواه للموسيقى لم يبرد في صدره، اشتغل بعد تخرجه في مجال التعليم ولكنه لم ينقطع عن الموسيقى، حيث تمكن من إتقان أصول العزف والتلحين وساعدت ثقافته العامة في خوض غمار هذا المجال باقتدار وبدأ يعمل في مجال فن، ثم ترك مهنة التدريس وتفرغ تماما للعمل الفني، وكانت أول أغنية له من نظمه وتلحينه ومطلعها "ما ليش مليك في القلب غيرك" وتم تسجيل هذه الأغنية بصوت المطرب زكي مراد والد الفنانة ليلى مراد، وكان أحد مشاهير المطربين في ذلك الوقت، وهنا بدأت رحلة القصبجي الاحترافية في عالم الفن.

في عام 1923 استمع محمد القصبجي إلى كوكب الشرق أم كلثوم وكانت تنشد قصائد في مدح الرسول وأعجب بها، ليلحن بعدها بعام أول أغنية لأم كلثوم وهي "آل إيه حلف مايكلمنيش" وظل من ذلك اليوم يعاونها لآخر يوم في حياته، كما ينسب إليه فضل التجديد في المونولوج الغنائي بداية من "إن كنت اسامح وأنسى الآسية" إلى "رق الحبيب" غناء كوكب الشرق أم كلثوم، وقد كان في كل هذه الألحان وغيرها، وباعتراف أبرز الموسيقيين والنقاد، زعيم التجديد في الموسيقى المصرية.

في 1927 كون القصبجى فرقته الموسيقية التي ضمت أبرع العازفين أمثال محمد العقاد للقانون وسامى الشوا الملقب بأمير الكمان وكان هو عازف العود في الفرقة، ولم يتوقف عند الشكل التقليدى للفرقة الموسيقية العربية فأضاف إلى فرقته آلة التشيلو وآلة الكونترباص وهما آلتان غربيتان.

قدم القصبجي ألحانًا عديدةً للسينما وكان من أكثر الملحنين إنتاجا طوال 50 عاما وقدم للمسرح الغنائي الكثير، فقد قدم لمنيرة المهدية عدة مسرحيات هي: "المظلومة " و"كيد النسا" و"حياة النفوس" و"حرم المفتش" كما قدم لنجيب الريحاني ثلاثة ألحان في أوبريت "نجمة الصباح".

وقام القصبجي أيضًا بتلحين الفصل الأول من "أوبرا عايدة" الذي غنته أم كلثوم في فيلمها عايدة في أوائل الأربعينات وكان يتطور لكن في إطار المحافظة علي النغمة الشرقية الأصيلة، وتتلمذ علي يديه في العزف علي العود الموسيقار محمد عبد الوهاب، وعلى الرغم من علو مكانته وشهرته كموسيقار كبير، إلا أنه لم يتخل عن الست وعشق العزف على آلة العود في فرقتها ليظل بجوارها، حتى أنه عندما مات في نهاية الستينات ظلت محتفظة بمقعده خاليا خلفها على المسرح تقديرا لدوره ومشواره معها.

توفي في 26 مارس 1966، بعد أن قدم للموسيقى العربية آثارا وإثراءات ثمينة، وأضاف للموسيقى الشرقية ألوانا من الإيقاعات الجديدة والألحان السريعة والجمل اللحنية المنضبطة والبعيدة عن الارتجال، كما أضاف بعض الآلات الغربية إلى التخت الشرقي التقليدي، اعتبره كثيرون الموسيقي الأفضل متفوقاْ بذلك على أسماء أخرى كبيرة كسيد درويش وعبد الوهاب.




المقالات ذات صله