العلاقة بين الأم وابنتها.. بين الصداقة والتوتر!


تبدو علاقة الأم بابنتها غالباً أقرب إلى الصداقة، حيث يمكن أن تكونا صديقتين مقربتين تجمعهما الثقة المتبادلة التي قد يصعب إيجادها في أي شخص آخر، إضافة إلى الحب اللامتناهي. في مرحلة من المراحل، يمكن أن تتأثر هذه العلاقة ببعض المشاكل التي تخلق نوعاً من التوتر بينهما، خصوصاً في مرحلة المراهقة. حول التفاصيل المرتبطة بهذه العلاقة تحدثت الاختصاصية في المعالجة النفسية نور واكيم مشيرةً إلى المراحل التي تمر بها وسبل تحويلها إلى علاقة تغلب عليها الصداقة والحب المتبادل.

ما المراحل التي تمر بها علاقة الأم بابنتها؟

في مرحلة الطفولة بعامة تسعى الابنة إلى التماهي بأمّها فتقوم بتقليدها والتشبّه بها وتستخدم أغراضها الخاصة من ماكياج وأكسسوارات وغيرها وصولاً إلى مرحلة البلوغ حيث يبدأ التغيير الجسدي الواضح لدى الفتاة وايضاً التغيير في الشخصية حيث تظهر الاستقلالية الواضحة والتعبير عن الآراء الخاصة بما قد يتضارب مع معتقدات أو مبادئ تربت على أساسها أو تلك التي لدى أهلها،

 كما توضح واكيم. في هذه المرحلة لا تسعى الفتاة إلى التشبّه بوالدتها، كما في الطفولة، بل تبحث عن هويتها الخاصة والمستقلة واكتساب استقلالية تشعر بالحاجة إليها ما قد يولّد مشاكل بينها وبين أهلها ومع أمّها بشكل خاص. هي حالة طبيعية لا تستدعي القلق، 

فهذه المشاكل التي تولد في مرحلة معينة فيما تحاول الفتاة تكوين شخصية مستقلة، لا تعني أن ثمة خللاً في العلاقة أو أن ثمة أخطاء تقع فيها الأم في التعاطي مع ابنتها. انطلاقاً من ذلك، يبدو واضحاً أن العلاقة بين الام وابنتها تختلف بين مرحلة وأخرى فالطريقة التي تتعامل فيها الأم مع ابنتها تختلف في الطفولة عما هي عليه في مرحلة البلوغ والمراهقة ومرحلة الرشد والعكس صحيح. إنما في الوقت نفسه،

 تشدد واكيم على أن طريقة تعاطي الأم مع ابنتها وتربيتها في مرحلة الطفولة لها تأثير واضح وتنعكس على حجم وعمق الخلافات أو المشاكل التي يمكن أن تحصل بينهما في مرحلة لاحقة. ومن الممكن أن تؤدي عدم معالجة المشاكل في مرحلة مبكرة أي في المراهقة مثلاً إلى استمرارها في مرحلة الرشد. 

ما العوامل التي تؤثر في طبيعة العلاقة بين الأم وابنتها؟

تختلف طبيعة العلاقة بين الأم وابنتها بين الأشخاص، فهي ليست نفسها لدى الكل. حتى أنها تختلف في البيت الواحد بين الأم وكلّ من بناتها، وثمة عوامل عديدة تلعب دوراً في ذلك. فللأم شخصية معينة وتجارب تمر بها ومبادئ تربت على أساسها وثقافة معينة،

 وكذلك بالنسبة للفتاة فلها شخصيتها الخاصة والآراء التي تخصها والمبادئ أيضاً. فهذه العوامل لها تأثير واضح في طبيعة العلاقة بين الأم وابنتها. وكما أن لهذه المراحل التي تمر بها العلاقة بين الام وابنتها تشكل تجربة خاصة بالفتاة هي كذلك بالنسبة للأم،

 وكل أم تعيشها مع ابنتها بطريقة معينة وقد تعيشها بطريقة مختلفة مع ابنة أخرى لها في مرحلة أخرى من حياتها. فقد تعيش الأم مع ابنتها تجربة ترتبط بأحلام لم تستطع أن تحققها بذاتها عندما كانت في مثل سنّها أو يمكن أن تعيش الأم حالة من المنافسة بينها وبين ابنتها من حيث الجمال مثلاً أو من حيث السن أو من حيث القدرة على لفت الأنظار وهذا وارد أيضاً لدى البعض ما يولّد نوعاً من غيرة الأم من ابنتها ما يؤثر سلباً في الابنة وقد يؤثر سلباً بالتالي في العلاقة بينهما.


وتشير واكيم أيضاً إلى أن ثمة أمهات قد يمنعن بناتهن من القيام بأمور حُرمن منها في مرحلة البلوغ أو المراهقة. ومن الأمهات من يفضّلن أن تبقى بناتهن تحت حمايتهن وأجنحتهن انطلاقاً من رغبتهن بالاستمرار بإحاطتهن فتبقى الفتاة مرتبطة بالأم في مثل هذه الحالة وهذا ما يرتبط في اللاوعي برغبة الأهل أو الأم تحديداً بالحفاظ على شبابها من خلال إبقاء ابنتها في مرحلة ارتباط بها وكأنها لا تزال طفلة.

أياً كانت طبيعة العلاقة التي ترتبط غالباً باللاوعي، حيث أن سلوكيات أي من الطرفين لا تكون عمداً. تشدد واكيم هنا على أهمية خلق مساحة آمنة للمراهقة خالية من الآراء المسبقة والأحكام تعبّر فيه عن آرائها وعن ذاتها وتختبر فيها الأمور، ضمن حدود معينة. فالتعبير عن الذات والاختبارات التي تمر بها ستساعدها حكماً على بناء هويتها الخاصة


مزيد من الصور




المقالات ذات صله