العنف الفكري والجسدي سبب إنفصال كل عاشقان

العنف الفكري والجسدي سبب إنفصال كل عاشقان




العنف ضد المرأة أصبحت عادة متبعة من قبل الرجال فهي جزء من روتين يومهم. وبالتأكيد أنت مثلي تلاحظين أنتشار العنف في كل مكان وبأشكال مختلفة. بداية من عنف الزوج ضد زوجته الذي ينتقل إلى الأبناء بطريقة سلسة دون محاولة السيطرة على الأمر. وحتى العنف الموجود بكل العلاقات بمختلف أشكالها مثل الخطوبة أو الأرتباط.

فدائمًا كنت أشاهد وجود العنف ضد المرأة عن قرب سواء كان عنف فكري أو جسدي. وهذا الأمر الذي جعلني أتحدث عن قصتين حقيقتين قريبة مني شاهدت أحداثها وأثبتت لي أن الحب يمكن أن يزول بسهولة ويحل محله الكراهية والغضب بسبب العنف ضد المرأة.


العنف ضد المرأة في مرحلة الزواجهي امرأة بسيطة محبة للحياة والضحك باستمرار. وتعودت دائماً على وجودها في منزلنا لتحكي مع أمي عن أخر ما حدث لها. وذات يوم جاءت تحدث أمي أنها قررت أن تطلب الطلاق من زوجها بعد مرور أكثر من ٣٠ عام.

ولازلت أتذكر رد أمي حتى الآن حين قالت "لماذا فهو يحبك؟ ودائمًا ما يقبل يديك كل يوم ويتحدث عن مدى حبه لك" وردت صديقة أمي لتخبرها بما لم تتحدث عنه من قبل "أنه دائمًا يحاول إظهار أمام الناس حبه وتقديره واحترامه لي ولكن هذا غير حقيقي" فما يقوم به زوجها هو ضربها أو إهانتها باستمرار. فلم يتردد عن فعل ذلك حتى أمام ابنائها.

وبعدما عرفت أمي السر الذي ظلت صديقتها المقربة تخبأه حفاظًا على صورة زوجها أمام الجميع. ظلت تؤيدها في الإعلان عن قرار الطلاق فهي مثل أي امرأة ليس لديها القوة الجسدية للدفاع عن نفسها حين يقوم بضربها.ولكن عندما جاءت اللحظة الحاسمة في حياتها والتي انتظرتها على مدار سنوات عديدة، لتتحدث أنها قررت الطلاق من زوجها الجميع هاجمها.


وكان أول من قدموا لها الإهانة ورفضوا فكرة الطلاق هم ابنائها الثلاثة الذكور الذين كانوا يروا الأمر من وجهة نظرهم ويخجلون من فكرة الطلاق بعد مرور أكثر من ٣٠ عام. فواحد منهم كان لا يريد أن تعرف عائلة زوجته بقرار إنفصال أمه وأبيه، والثاني قال "عندما أقرر الزواج من إحدى الفتيات ماذا أقول لهم أن أبي وأمي مطلقين من أشهر قليلة".

وكل هذا لمجرد أنها رفضت التعرض للإهانة فهي لم تعد تلك الفتاة الصغيرة التي يمكن توجيه إلا بعض الضربات والإهانات وتصمت بل أنها أصبحت امرأة ناضجة لم تعد تقوى على متاعب الحياة والإهانات الموجهة لها باستمرار.


وبرغم كل هذه التعقيدات والصعوبات التي واجهتها إلا أنها أصرت على تنفيذ قرارها وبفعل هي تعيش الآن حياة أجمل مما كانت عليه من قبل. وأصبح زوجها الآن يشعر بقيمة وجودها بمنزله ويحاول التودد لها بستمرار بعد أن تعرف إلى الخطأ الفادح الذي ظل يقوم به لسنوات. فهي دائمًا ما تقول "ما أنا عليه الآن يجعلني سعيدة".

وبالتأكيد العنف ضد المرأة غيرها بشكل كبير، فإصيبت بالاكتئاب وأصبحت العقاقير المنومة هي المرافقة الوحيدة لها بعد أن تخلى عنها ابنائها. وكان من المتوقع حدوث ذلك بعد أن ظلت في سجن ملئ بالعذاب والضرب والإهانة لاكثر من ٣٠ عام. فكان من الطبيعي أن تصاب بالاكتئاب بعد أن انطفأت لمعة عينيها التي ظلتت اشاهدها لسنوات طويلة منذ يوم ولادتي حتى الآن فهي لم تعد المرأة المحبة للحياة.العنف ضد المرأة في مرحلة الخطوبة

القصة الثانية هي لأحد أصدقائي كنت أشاهد قصة حبهم الفريدة من نوعها منذ البداية وحتى النهاية، ولازلت أتذكر كيف بدأت؟ وكيف كان الحب واضحًا؟ في عيون أحد أصدقائي وهو ينظر في عينيها بشوق وحب لم أراه من قبل. ولأني شخصية رومانسية أؤمن بوجود الحب الأفلاطونية كنت أعتقد أن هذه العلاقة سوف تدوم حتى نهاية العمر،

ولكن للأسف وجدت أن الواقع أسوأ بكثير من الخيال. عندما بدأت ألاحظ طريقة العنف التي كانت تتعرض له الفتاة من قبل صديقي. وكيف كان يؤثر عليها الإهانة المستمرة من خلال المعاملة السيئة ودفعه المستمر لها الذي كان يحدث بين الحين والأخر والتي كانت تترك أثر على ذراعيها بل وعلى حالتها النفسية.ولكن العنف المستمر أدى إلى تلاشي الحب تدريجًا إلى أن أختفى وحل محله العنف والكراهية المتبادلة، وذلك بعد أن استمرت القصة لمدة ٦ سنوات.

كنت فيها شاهدة على الأحداث بداية من قصة الحب الجميلة والأرتباط وحتى الخطوبة وصولًا إلى ترك بعضهم البعض. وبعد نهاية القصة بدأ تظهر بعض التفاصيل الصغيرة لم أكن ألاحظها من قبل وهو تأثير العنف الفكري والجسدي عليها. فكان عنف الرجل ضد المرأة جسديًا من خلال الضرب وفكريًا من خلال النقد الذي يمكن أن يؤدي إلى تدمير الشخص بل وأنه أصبح يدمر العلاقات.كان العنف الجسدي والفكري الذي يمارسه الرجل على المرأة صعب وقاسي للغاية.

انتهى الأمر بالفتاة في الدخول لحالة اكتئاب شديدة بسبب ما كانت تتعرض لها من أذى نفسي وجسدي. وبالفعل بدأت تحاول تخطي العنف الذي تعرضت له بحياتها بمساعدة طبيب نفسي، للتخلص من الألم النفسي والجسدي الذي شعرت به على مدار ٦ سنوات. فكلما كان يغضب منها أو يشعر بالغيرة لأي سبب كان يبدأ في دفعها في اتجاه الحائط.

وكان يرى أن الأمر بسيط للغاية بقوله "أنا لم أضربها بعنف أنا فقط دفتها في الحائط"، ولكن الأمر كان أصعب مما يتخيله أحد. لأنها كلما كانت تتعرض للضرب بأي شكل من الأشكال كان ذلك يترك في نفسها وجسدها ألم. وبالتأكيد نعلم أنه من الصعب التخلص من الألم النفسي.

تأثير العنف ضد المرأة نفسيًا وجسديًا
أنتهت القصتين بعد أن وصلت المرأة بها إلى مرحلة صعبة من الاكتئاب الذي تسبب في فقدان روحها. فكلتهما أصبحن يبحثن عن الشعور بالأمان اللاتي فقدوه في علاقات حب وارتباط وزواج دام لسنوات عديدة.

أنا لا أقارن بينهم بالصعوبات اللاتي واجهوها بل كان تأثير العنف الفكري والجسدي عليهم أصعب مما يتخيله شخص.وأينما وجدت المرأة تتعرض للعنف من الرجل بأكثر من شكل فهي ليست بحاجة لأن تتزوج رجل شديد العنف كي تعلم بالممارسات التي يقوم بها الرجال تجاه السيدات فالعالم أمامنا مفتوح.

وأصبح العنف موجود بكافة تفاصيل حيتنا بمجرد النزول للشارع سوف تلاحظين العنف الذي يتعاملون به الأطفال وهو ناتج عن ما يحدث أمامهم من ابائهم.

فأصبحت أشعر بالتوتر وعدم الأمان لأن العنف موجود بالقرب منا في كل مكان، ومع أقرب الأشخاص المحيطين بنا مثل أقرابي وأصدقائي وزملائي. فليس هناك حل لتلك المشكلة سوى أن تنتفض المرأة بمجرد التعرض للعنف سواء كانت تتعرض له من زوج أو خطيب أو أي شخص أخر.

يجب ألا تظل المرأة صامتة عن كل ألم تشعر به بسبب عنف الرجال. لأن الضرر الذي سيقع سيكون واضح على الأجيال القادمة الذي سوف يكونوا مشبعين بالكراهية والحقد والعنف ضد كل من حولهم.




المقالات ذات صله