من هي أم الإمام أحمد بن حنبل

أمهات صنعن رجالاً: أم الإمام أحمد بن حنبل.. رابع الأئمة (6)

يزخر التاريخ الإسلامي بنماذج مشرفة وأمهات رائعات استطعن أن يضعن أثرهن ويصنعن رجالا بحق.. هؤلاء الأمهات كان لهن دور فعال في بناء رجال وشخصيات عظيمة حفرت أسماءها عبر العصور، وتركت علامات فارقة في عدة مجالات مختلفة.

يقدم مصراوي مجموعة حلقات تأتي تحت عنوان "أمهات صنعن رجالا" حيث يعرض فيها نماذج لأمهات كانت سندا وعونا ومحفزا لأبنائهن، ساعدتهم لكي يكونوا بحق رجالا صنعن تاريخا، منهن:

- أم الإمام أحمد بن حنبل:

الإمام أحمد بن حنبل هو رابع الأئمة الأربعة، وهو صاحب المذهب الحنبلي في الفقه الإسلامي، اشتهر بعلمه الغزير وحفظه القوي، ويعد كتابه "المسند" من أشهر كتب الحديث.

"كان الإمام أحمد بن حنبل من كبار الحفاظ الأئمة، ومن أحبار هذه الأمة، متقنا حافظا للحديث، وكان عالما باللغة العربية عارفا بها، قال عن نفسه: "كتبت من العربية أكثر مما كتب أبو عمرو بن العلاء"، وفقا لما جاء في (الحديث النبوي الشريف بداية القرن الخامس وحتى نهاية القرن الرابع عشر الهجريين) لياسر الدرويش.

قال عنه أبو زُرعة الرازي: "كان أحمد يحفظ ألف ألف حديث، وله معرفة تامة بعلوم الجرح والتعديل، وعلل الحديث، وعلم الكلام والعربية".

وتحدث الإمام الشافعي عنه قائلا: "أحمد إمام في ثمان خصال: إمام في الحديث، إمام في الفقه، إمام في اللغة، إمام في القرآن، إمام في الزهد، إمام في الورع، إمام في السنة"، كما أثنى عليه الإمام الشافعي أيضا قائلا: "خرجت من بغداد وما خلفت بها أحدا أروع ولا أتقى ولا أفقه من أحمد بن حنبل".

كان وراء هذا العالم الجليل والإمام العظيم، أم صالحة كانت هي أساس التنشئة والتربية السليمة ، لعبت دورا رئيسيا في تربيته وتنشئته ووضع اللبنة الأولى لكي يصير بحق إمام في ثمان خصال – كما قال الإمام الشافعي عنه - .

يقول الإمام أحمد بن حنبل عن نفسه: "ثقبت أمي أذني فكانت تصير فيهما لؤلؤتين، فلما ترعرعت نزعتهما فكانت عندها، ثم دفعتهما إلي فبعتهما بنحو ثلاثين درهما"، وفقا لما جاء في كتاب (ٍسير أعلام النبلاء) للذهبي.

هي السيدة "صفية بنت ميمونة بنت عبد الملك الشيباني من بني عامر"، وعبد الملك هذا من وجوه بني عامر وساداتهم.

تربي أحمد بن حنبل يتيما، فقد توفى والده، وعاش في كنف أمه، هذه الوالدة المباركة التي ترملت من زوجها، وكان أحمد بن حنبل وحيدها، رحلت به من "مرو" إلى بغداد دار العلم آنذاك، وفقا لما جاء في (المدخل المفصل لمذهب الإمام أحمد) لبكر بن عبد الله أبو زيد.

فتولت أمه تربيته بعد أن توفى والده وله من العمر ثلاث سنوات، فاعتنت به، وكانت ترسله إلى المعلم في الكتاب.

وكانت على الرغم من محبتها خوفها عليه، لم تجعل هذا الخوف عائقا له من العلم والارتقاء، بل كانت تحثه عليه وتشرف على ذلك منذ صغره، يقول الإمام أحمد بن حنبل عن أمه: "ربما أردت البكور في الحديث، فتأخذ أمي بثوبي وتقول: حتى يؤذن المؤذن"، أي: أذان الفجر.

كان الإمام أحمد بن حنبل من حرصه يريد الخروج قبل الفجر إلى حلقة المحدث ليكون قريبا منه فيستطيع السماع بوضوح، ولكنها كانت تتابعه فتمنعه من الخروج حتى يؤذن الفجر، إذ حينها يكثر خروج الناس للصلاة فتأمن عليه وهو صغير في الذهاب بمفرده للتعلم، فكانت أمه تشرف مباشرة على تربية ولدها ولم تتركه لغيرها من أقاربه، كما أن حبها وخوفها على ولدها لم تجعل منه عائقا لتعلمه، وفقا لما جاء في (رسالة الصلاة – للإمام أحمد بن حنبل) تقديم أحمد بن صالح الزهراني.

فهذه الأم العظيمة كانت بحق سندا وعونا ومحفزا لابنها الذي صار بعد ذلك رابع الأئمة الأربعة "الإمام أحمد بن حنبل".


بحث مفصل



المقالات ذات صله