فوائد الاستغفار لابن القيم

محتويات

١ الاستغفار ٢ فوائد الاستغفار لابن القيم ٣ ابن القيم ٤ سيّد الاستغفار ٥ سيّد الاستغفار للمرأة ٦ المراجع الاستغفار إن المتمحّص في كتاب الله وسنّة نبيه، يجد الكثير من الآيات والأحاديث التي ذكرت الاستغفار في مكنونها، وهذا إن دل على شيء، فهو يدل على عِظم هذا الأمر،

ومكانته الكبيرة في حياة المسلم، إذ قال الله تعالى في ذلك: {وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّـهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَن يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّـهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَىٰ مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ ﴿١٣٥﴾ أُولَـٰئِكَ جَزَاؤُهُم مَّغْفِرَةٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَجَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ} [آل عمران:

135-136]، كما يقول في حقّه أبو موسى رضي الله عنه: (كان لنا أمانان، ذهب أحدهما وهو كون الرسول فينا، وبقي الاستغفار معنا، فإذا ذهب هلكنا)، لذا فالاستغفار أمان المسلم من الكروب والابتلاءات، وهو جالب للبركة في الأرزاق، وهو العمل الذي تُغفر فيه الخطايا والذنوب التي لا بد من حدوثها،

إذ إن الاستغفار يكون في عامة الذنوب وخاصتها، فهو يجبر نقص الأداء للواجبات، ويمحو به الله تعالى ذنوب العباد في عامّتها، لذا حريٌّ بالمسلم أن يلازمه ولا يفتر عنه، لما له من الأثر العظيم في حياته، ولا عجب في أن يهتم الأئمة الكبار في الفقه الإسلامي اهتمامًا شديدًا بهذه العبادة الجليلة،

ومنهم العلّامة ابن القيّم رحمه الله، إذ وردت عنه الكثير من الأقوال عن فضائل الاستغفار وفوائده، وهذا ما سنتحدث عنه في مقالنا هذا.[١] فوائد الاستغفار لابن القيم لقد حثّنا الإسلام في الكثير من الآيات الكريمة، والأحاديث النبوية الشريفة على الاستغفار، وطلب الرحمة من الله تعالى، وذلك لما له من النفع العظيم في حياة المسلم،

ومن بين تلك المنافع المنعة من الشيطان وكيده، بل ويتعدى ذلك لإهلاكه بالاستغفار والتوبة، فقد ورد في كتب ابن القيم الجوزية رحمه الله أنه قال: (إنَّ إبليس قال: "أهلكت بني آدم بالذنوب، وأهلكوني بالاستغفار وبـ"لا إله إلا الله"، فلمَّا رأيتُ ذلك بثَثْت فيهم الأهواء، فهم يُذنِبون ولا يتوبون؛

لأنَّهم يحسَبُون أنهم يُحسِنون صنعًا) [ كتاب مفتاح دار السعادة: 1/158]، وقد استند في ذلك رحمه الله إلى حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي يرويه أبو سعيد الخدري قال: (إنَّ إبليسَ قال لرَبِّه: بعزَّتِكَ وجَلالِكَ لا أَبرَحُ أُغْوي بَني آدَمَ ما دامَتِ الأرواحُ فيهم، فقال له اللهُ: فبِعِزَّتي وجَلالي لا أَبرَحُ أَغفِرُ لهم ما استَغْفَروني) [ المصدر: تخريج المسند| خلاصة حكم المحدث: حسن].

إضافة لما سبق فقد ورد عن ابن القيّم رحمه الله أن الاستغفار يحل المشكلات الصعبة، إذ يقول عن شيخه ابن تيمية رحمه الله: (وشَهِدتُ شيخَ الإسلام ابنَ تيميَّة

-رحمه الله- إذا أعيَته المسائل واستعصَتْ عليه، فَرَّ منها إلى التوبة والاستغفار والاستعانة بالله واللجوء إليه، واستِنزال الصوابِ من عنده، والاستفتاح من خَزائن رحمته، فقلَّما يلبَثُ المددُ الإلهي أنْ يَتتابَع عليه مَدًّا، وتَزدلِف الفتوحات الإلهيَّة إليه، بأيَّتهنَّ يبدأ) [ كتاب إعلام الموقعين: 4/ 172]،

لذا فهو يعد حلًّا لما أشكل على المسلم من أمور دينه ودنياه، كما يذكر لنا رحمه الله عن الاستغفار أنه سأل شيخه ابن تيمية قال: (سألتُ شيخ الإسلام ابن تيمية، فقلتُ: يسأل بعض الناس: أيُّما أنفع للعبد التسبيح أو الاستغفار؟ فقال: إذا كان الثوبُ نقيًّا، فالبخور وماء الورد أنفعُ له،

وإن كان دَنِسًا، فالصابون والماء أنفع له) [الوابل الصيب: 92]، وقال أيضًا: (مِن أعظم أسباب ضِيق الصدرِ الإعراضُ عن الله، والغفلةُ عن ذكره، ولا يزال الاستغفارُ الصادق بالقلب حتى يردَّه بالصحة والسلامة)، لذا فحريٌّ بالمسلم أن يلزم الاستغفار لجلاء قلبه، وسعة صدره، ولما له من عظيم الأثر والفائدة في الدنيا والآخرة،

هذا والله أعلى وأعلم.[٢][٣] ابن القيم ابن القيم الجوزية وهو محمد بن أبي بكر بن أيوب بن سعد بن حرَيْزٍ الزُّرَعي، أحد علماء الإسلام الكبار، ولد في عام 691 للهجرة، وتوفي في الثالث والعشرين من رجب من عام 751 للهجرة، ونشأ وترعرع في بلاد الشام وبالتحديد في مدينة دمشق، وقد برع في التفسير والفقه والحديث وعلوم أخرى، وتفقّه ابن القيم في المذهب الحنبلي، ولازم الشيخ تقي الدين ابن تيمية رحمه الله وأخذ عنه الكثير من العلم الشرعي، كما أنه تعرض للكثير من المصائب والمحن،

حتى أنه سُجن مع شيخه في سجن القلعة، ولكنه استغل ذلك بالتزام القرآن والتفقه بالدين، إضافةً لذلك فقد أثنى على شدة ورعه، وحسن علمه، وطول عبادته الكثير من علماء الأمة الذين عاصروه وتتلمذوا على يده،

علاوةً على أنّه ألّف الكثير من الكتب الشرعية، التي لا زالت نبراسًا يُقتدى به حتى يومنا هذا، فجزاه الله عنّا خير الجزاء.[٤] سيّد الاستغفار إن للاستغفار سنامًا وذروةً، وبه تتحقق أعلى مراتبه، وذلك لأنه احتوى على محض العبودية لله، والإقرار به،

وجمع معاني التوبة، والندم على المعصية، وهو ما يدعى سيّد الاستغفار كما سمّاه رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ قال: (سيدُ الاستغفارِ أنْ تقولَ:

اللَّهمَّ أنتَ ربِي، لَا إلهَ إلَّا أنتَ، خلَقْتَني وأَنَا عبدُكَ، وأنا علَى عَهْدِكَ وَوَعْدِكَ ما استطعتُ، أعوذُ بِكُ مِنْ شَرِّ ما صنعْتُ، أبوءُ لكَ بنعمتِكَ عَلَيَّ، وأبوءُ لَكَ بذنبي، فاغفرْ لِي، فَإِنَّه لَا يغفرُ الذنوبَ إلَّا أَنْتَ. مَنْ قالها مِنَ النهارِ موقِنًا بها، فماتَ مِنْ يومِهِ قبلَ أنْ يُمْسِيَ فهو مِنْ أهلِ الجنةِ،

ومَنْ قالها مِنَ الليلِ وهو موقنُ بها، فماتَ قبلَ أنْ يُصْبِحَ، فهو مِنْ أهلِ الجنةِ) [المصدر: صحيح الجامع| خلاصة حكم المحدث: صحيح].[٥] سيّد الاستغفار للمرأة لقد ورد كما أسلفنا الحديث الشريف عن سيّد الاستغفار،

وأنه قد ورد بصيغة المذكر، وقد تساءلت بعض النساء عن ذلك فأفتاها بعض شيوخ أهل العلم، ومن بين ذلك ما ورد عن ابن تيمية رحمه الله، أن امرأة سمعت بالحديث فداومت عليه كما ورد، فسئل عن ذلك فأجاب: (بَلْ يَنْبَغِي لَهَا أَنْ تَقُولَ:

اللَّهُمَّ إنِّي أَمَتُك، بِنْتُ عَبْدِك، ابْنة أَمَتِك، فَهُوَ أَوْلَى وَأَحْسَنُ. وَإِنْ كَانَ قَوْلُهَا: عَبْدُك ابْنُ عَبْدِك لَهُ مَخْرَجٌ فِي الْعَرَبِيَّةِ كَلَفْظِ الزَّوْجِ، يعني: أن لفظ الزوج يطلق على الذكر والأنثى وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) [مجموع فتاوى ابن تيمية:2/177 ]،

كما وافق ذلك العديد من العلماء، من بينهم ابن حجر وابن باز، كما أن في قولهم إشارة للسعة فكلاهما جائز، ولكن من باب الاستحسان أن تقول اللهم إني أمتك، وابنة عبدك، وابنة أمتك... إلى نهاية الحديث، هذا والله أعلى وأعلم.[٦]


بحث مفصل



المقالات ذات صله