المودة وآية الزوجية

تعتبر الزوجية طاقة معمرة تشد إطناب المجتمع وتقويه، إلا أن المجتمعات تختلف حسب الديانات والعقائد والأعراف وحسب القبيلة والعشيرة...

ونجد الإسلام قد رسم طريق الهداية الذي يكفل لهذه الزوجية حياة سعيدة قوامها المودة والعطف والألفة والرحمة والتسامح والعفو والتآزر...

قال الله، سبحانه وتعالى: {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِّتَسْكُنُواْ إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ}. [الروم: 21].

لقد خلق الله، سبحانه وتعالى، من نفس الجنس الذكر والأنثى فجعل بينهما مودة ورحمة حيث لا غنى للذكر عن الأنثى، ولا غنى للأنثى عن الذكر. قال الله، جل وعلا: {أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَآئِكُمْ هُنَّ لِبَاسٌ لَّكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَّهُنَّ...}. [البقرة: 187].

وفي هذه آية الزوجية نستنتج لفظان: [خلق]، و[جعل] والفرق بينهما أن الخلق عمل إلهي خالص، أما الجعل فهو كذلك عمل إلهي سخره للإنسان للتدخل في تحقيقه أو الامتناع عنه بمشيئة الإنسان... وفي آية السكون نستنج مفهوم الاندماج، والترابط جسدا وروحا ووجدانا...

ومن عظمة الخالق أن جعل خصائص الرجال مضادة تماما لخصائص النساء، يعني أننا نجد في الرجل الخشونة، والغلظ، والقوة، والصلابة... بينما نجد في المرأة النعومة، والرقة، التكسر، اللين...

أما في آية اللباس نستنتج ما هو أشمل وأعم من العلاقة الجنسية حيث كل ما في الرجل مشدود لكل ما في الأنثى، وكل ما في الأنثى مشدود لكل ما في الرجل.. وهذا يولد مع الإنسان أي فطرته وملكاته...

لقد سأل نافع بن الأزرق ابن عباس، (ضهما )، عن سر اللباس في الآية فقال:{هن سكن لكم، وأنتم سكن لهن.. تسكنون إليهن بالليل والنهار، وهي متعة المؤانسة بالحديث والعواطف المتبادلة وإرواء الجوارح والنفس... فقال نافع بن الأزرق: وهل تعرف العرب ذلك؟ قال: نعم، لقد قال نابغة بني ذبيان في أحد قصائده:

إذا ما الضجيج ثنى عطفها *** تثنت عليه فكانت لباسا

كما نستبط من الآية: 187 من سورة البقرة أن هناك تساوي بين الرجل والمرأة:{.. هُنَّ لِبَاسٌ لَّكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَّهُنَّ...}، وضرورة الزواج من أجل تكميل بعضهما البعض، لا من أجل أن يعلو الرجل عن المرأة ويسيطر عليها، ولا كذلك للمرأة أن تعلو عن الرجل وتسيطر عليه، بل الإسلام يسعى إلى الزواج الطيب، والذرية الصالحة كما جاء في قوله، جل وعلا: {وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَاماً}.

كما رغب النبي، (صلى الله تعالى عليه وسلم)، في الزواج حيث وصى بالزواج والعمل على تمكين الراغب فيه مهما كان حاله:« إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه، إلا تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفسادا»[الترمذي].

وعندما التفت الرسول الكريم، [صلى الله تعالى عليه وسلم]، إلى النفس البشرية وما تكتسيه من علل قال:« لم نر للمتحابين مثل النكاح»، [ابن ماجة]...




المقالات ذات صله