علاقة الإسلام بالأديان الأخرى و من تأثّر بمَن؟

منذ اكتمال رسالة الإسلام الحنيف على يد آخر الأنبياء وأفضل الخلق سيدنا محمد -صلى الله عليه وسلم- منذ ما يزيد عن 14 قرناً من الزمان، والإسلام يواجه الكثير من التحدّيات والافتراءات من هنا وهناك، تشكك في فضله على البشرية، وفي أصالة رسالته السمحة، وفي أنه هو الدين الحق الذي بعث الله أنبياءه ورسله منذ آدم -عليه السلام- لينشروا قِيَمه ومبادئه، حتى أتم الله رسالته على يد الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم.

وكتابنا اليوم "علاقة الإسلام بالأديان الأخرى" للكاتب أ.د. "محمد خليفة حسن"، أستاذ بقسم اللغات الشرقية بكلية الآداب جامعة القاهرة، هو إضافة لعشرات المحاولات المخلصة لتوضيح الحقائق العامة المرتبطة بفكرة الدين، وعلاقة الإسلام التاريخية بالأديان الأخرى في اتصاله بها، ورؤيتها له؛ من أثــّر ومن تأثــّر، وتوضيح مفهوم هيمنة الإسلام على الأديان الأخرى، وكلها قضايا شائكة جداً، وليست وليدة اليوم أو الأمس؛ بل هي قضايا قديمة جديدة، ولا تتوقف الحاجة أبداً للكتابة عنها وفيها.

افتراءات قديمة وردود منطقية

اهتم المستشرقون وعلماء تاريخ الأديان منذ مئات السنين بالبحث في أصول الأديان تاريخياً، وأسباب ومظاهر تطورها، ومع الإضافات التي قدموها للبشرية من خلال دراستهم للأديان في العالم كله؛ إلا أن دراسات علم الأديان تُعاني من ندرة الموضوعية والتوازن في دراسة الإســلام؛ بــل على العكــس كــان هناك -دوماً- الكثير من الافتراءات والادعاءات التي نُسبت للإسلام ومنها:

- تجاهل وتشويش فكرة أن الإسلام هو آخر الشرائع والمكمّل لها؛ فيتم عن قصد تزييف موقعه تاريخياً من الأديان الأخرى، وتجنّب وضعه كآخر الأديان ظهوراً؛ لأن هذا سيدعم فكرة رُقِيّ الإسلام واكتماله.

- محاولة ربط ظهور الإسلام بأوضاع اجتماعية وسياسية في شبه الجزيرة العربية، وربطه بمكان وأشخاص معينين؛ لنفي صفة عالميته وخلود رسالته عنه.

- البحث عن أي تشابه بين الإسلام وبين المسيحية واليهودية، لإعطاء صورة مغلوطة بأن الإسلام مستمد أو منقول عن هذه الأديان، وأن هذا التشابه هو نتيجة اتصال بين الإسلام وبين الأديان الأخرى.

- محاولة تطويع الإسلام لقواعد جامدة تتعلق بالنشأة والتطور التاريخي للأديان، والتي تستخدم مع الأديان الوضعية، والتي تتعرض لهذا "التطور التاريخي" باستمرار، ولوقت يستمر لمئات السنين.

- إرجاع أسباب الفتوحات الإسلامية العظيمة، لأسباب اقتصادية واجتماعية تتعلق بشبه الجزيرة العربية في ذلك الزمن.

- التفنن في تقسيم الإسلام تقسيمات غريبة وشاذة، من حيث الفرق والمذاهب، ومن حيث الفترات الزمنية، وقالوا بإسلام شعبي وآخر رسمي، وإسلام مصري وآخر هندي، وثالث مغربي وغيرها.

والردود على تلك الافتراءات معروفة وقديمة قِدَم الافتراءات نفسها، ولقد أوردها المؤلف بسيطة واضحة ومنها:

- أن أي تشابه بين الإسلام وبين اليهودية والمسيحية؛ ليس نتيجة اتصال بين الإسلام وتلك الديانات؛ بل سببه هو وحدة المصدر الإلهي، والذي يتميز الإسلام بأنه يحتفظ به كاملاً دون تحريف أو تغيير.

- قاعدة النشأة والتطوّر لا تنطبق على الإسلام؛ فالإسلام تكوّن واكتمل في فترة بعث النبي محمد -صلى الله عليه وسلم- والتي بدأت بنزول الوحي عليه، وانتهت بوفاته -صلى الله عليه وسلم- وهي الفترة التي وضعت فيها جميع الخطوط العريضة والقواعد الأساسية للإسلام الموجودة في القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة والتي لا يختلف عليها أحد، ولم تتعرض للتغيير أو الإضافة منذ هذا الوقت.

- فتوحات الإسلام لم تكن لأية أسباب اجتماعية أو اقتصادية؛ بل كانت لنشر رسالة الإسلام السمح في كل مكان بالأرض، مع احترام حرية الاعتقاد للآخرين "لا إكراه في الدين".. وهذا يفسر استمرار الإسلام حتى اليوم في الأقطار التي فتحها؛ لأنه احترم العقول ودخل إلى القلوب.

- الإسلام هو إسلام واحد، وليس أكثر من إسلام؛ فلا توجد أية فروق جوهرية بين الإسلام في بلد وبلد آخر، أو في زمن وغيره، كما أن الإسلام من أقل الأديان من حيث الفرق والمذاهب التي ظهرت لأسباب اجتماعية وفكرية، وانتهت بانتهائها؛ فمن 73 فرقة في الإسلام لم تتبق إلا فرقة واحدة هي الشيعة؛ فجوهر ورسالة الإسلام واحد في كل مكان وزمان.



************************

الإسلام يحتوي تاريخ الأديان كله؛ لأنه ببساطة بدايةُ هذا التاريخ ونهايته

الإسلام يحتوي تاريخ الأديان كله؛ لأنه ببساطة بدايةُ هذا التاريخ ونهايته

الإسلام بداية تاريخ الأديان ونهايته

"الإسلام يحتوي تاريخ الأديان كله؛ لأنه ببساطة بدايةُ هذا التاريخ ونهايته".. هذه حقيقة ثابتة، وليس هناك مجال لإنكارها، وتعالوا نعرف الأسباب.

الأصل في الدين هو التوحيد، وأوّل الموحدين بالله عز وجل هو آدم عليه السلام الذي كان أول من دعا للإسلام؛ فرسالة النبي محمد صلى الله عليه وسلم ليست منفصلة عن رسالات كل من سبقه من الرسل والأنبياء الذيــن بُعــثوا جميعاً للدعوة إلى الإسلام؛ فما رسالته صلى الله عليه وسلم إلا تكميل وإتمام وتزيين لرسالات جميع الرسل والأنبياء، عليهم جميعاً السلام.

{ما كان إبراهيم يهوديًّا ولا نصرانيًّا ولكن كان حنيفًا مسلمًا وما كان من المشركين} [آل عمران: 67]

{قالوا نعبد إلهك وإله آبائك إبراهيم وإسماعيل وإسحق إلهًا واحدًا ونحن له مسلمون} [البقرة: 133]

فالحقيقة أن جميع الرسالات السماوية ذات أصل واحد ومضمون واحد مع اختلاف الشرائع، وأن سيدنا محمداً صلى الله عليه وسلم هو المتمم لمكارم الأخلاق التي هي رسالات كل من سبقوه..

{اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينًا} [المائدة: 53]

كما توجد حقيقة أخرى مهمة، وهي عدم ظهور أية أديان أخرى بعد الإسلام الذي أتمّه الله عز وجل ببعثة النبي محمد صلى الله عليه وسلم؛ اللهم إلا فِرَق وحركات إصلاحية خرجت من أديان موجودة بالفعل؛ مثل المذهب "البروتستانتي" في المسيحية وفِرَق أخرى عديدة في اليهودية وديانات شرق وجنوب آسيا. وبعض تلك الفرق قد تأثرت بالإسلام بشكل أو بآخر مثل بعض الحركات الدينية في شبه القارة الهندية، وفِرَق يهودية مثل فرقة "القرائين" و"السامريين".

تاريخ الأديان ومفهوم "الهيمنة" في الإسلام

"الإسلام يهيمن على ما سواه من الأديان".. قد تكون تلك المقولة صادمة للبعض؛ فلماذا يهيمن الإسلام على غيره من الأديان وهو الذي يعترف بها ويتسامح معها..؟!

هنا نحتاج فعلاً لتوضيح مفهوم "الهيمنة" الذي قد يختلط على البعض؛ فمفهوم "الهيمنة" هو تعبير إسلامي عن وضع الإسلام في تاريخ الأديان من وجهة نظر إسلامية.

وقد اجتهد المفسرون والشارحون المسلمون في شرح معنى "الهيمنة"؛ فاتفقوا على كونه يمثل بعض المعاني المحددة مثل (التصديق، والرقابة، والشهادة، والحفظ، والائتمان)، وسنشرح بعض هذه المعاني باختصار.



فالتصديق هو تصديق القرآن الكريم للكتب السابقة عليه، اعترافًا بها وحثًا للمسلمين على العمل بما تبقّى منها متفقًا مع الإسلام، وترك ما لا يتفق؛ على اعتبار أن هذه الكتب إنما أنزلت من الله على أنبياء ورسل مسلمين كرام في إطار الدين الإسلامي الواحد للبشرية كلها.

والهيمنة بمعنى الرقابة، يقصد منها أن القرآن لكونه آخر الكتب السماوية؛ فهو رقيب على ما سبقه من كتب؛ فيحدد ما هو صحيح فيها وما هو موضوع.. أما "الشهادة" فتعني أن القرآن يشهد أن الكتب السابقة هي من عند الله؛ فما يصح فيها ويتفق مع القرآن يثبت أصلها الإلهي، وما اختلف فهو من وضع البشر بطبيعة الحال، بما في تلك الوضعية من تناقض واختلاف؛ فإن الله عز وجل يقول عن القرآن: {ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافاً كثيرًا} [النساء: 82].

و"الحفظ" هو حفظ القرآن للكتب السابقة عن طريق تبيينه لما هو أصيل وما هو موضوع فيها؛ فاحتفظ بها وأجملها على مستوى المعنى بعد أن ضاعت على مستوى النصوص، أما "الإحاطة" فهي إلمام الإسلام بكل ما سبقه من شرائع؛ لأنه المتمم لها، و"الكفاية" هي كفاية القرآن عما سبقه من كتب ورسالات بإجماله وإكماله لكل ما فيها.

"الهيمنة" الإسلامية هدفها عودة البشرية إلى الدين الواحد، دين التوحيد، واعتباره مهيمنًا على غيره من الأديان ليس فرضاً لسيادة ما؛ فالإسلام متمسك بحرية الاعتقاد والعبادة ويتسامح ويتواصل مع غيره من الأديان.



************************

التجربة الدينية هي المعاني والمشاعر التي تسيطر على الإنسان أثناء ممارسته لدينه

التجربة الدينية هي المعاني والمشاعر التي تسيطر على الإنسان أثناء ممارسته لدينه

التجربة الدينية في الإسلام

التجربة الدينية بشكل مبسط، هي المعاني والدلالات والمشاعر والأحاسيس التي تسيطر على الإنسان وهو في حالة ممارسته لدينه.

وأية تجربة دينية لا بد أن تتكون من مظهرين: مظهر خارجي وهو الذي يتعلق بالطقوس والشعائر والفروض والواجبات والأحكام والتشريعات، ومظهر داخلي يعكس الإيمان بكل هذا والعمل به.

* ونظراً لتميّز الإسلام وتفرده؛ فإن "التجربة الدينية" للمسلم تتميز هي الأخرى عن التجارب الدينية لغيره، ولقد أوضح المؤلف ثلاث مستويات أو مراحل للتجربة الدينية في الإسلام وهي:

1. الإسلام: ويسميها العالم الجليل "الشهرستاني" بمرحلة "المبدأ"، وتعني الخضوع والاستسلام ظاهرياً للإرادة الإلهية وقبول الدين طواعية، والتعبير عن هذا القبول بالخضوع بإعلان الشهادة وأداء الفروض الأساسية مثل الصلاة والزكاة والصوم وغيرها مما لا يستقيم الإسلام بدونها.

2. الإيمان: وهي مرحلة الانتقال من الإعلان الظاهري إلى مرحلة العمل والتقوى؛ فهذه المرحلة يتحتّم فيها الإيمان صدقاً بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر والقدر خيره وشره والبعث والجنة والنار والحساب والميزان.

3. الإحسان: وهي مرحلة "الكمال" أي كمال التديّن وتمامه؛ فهي مرحلة القدرة على التذوق الديني والحياة به وتملّكه لكل قدرات الإنسان ومشاعره، وقد عرّف الحديث النبوي الإحسان بأنه "أن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فهو يراك".

فكان الـ"شكل" هو أول مرحلة، والقلب هو المرحلة الثانية، أما الفعل الذي يصدّق الشكل وما في القلب فهو ثالث المراحل وأعلاها.

وإلى جانب توضيح مراحل ومستويات التجربة الدينية في الإسلام؛ فقد أشار المؤلف إلى أن هذه التجربة لها "خصائص" تشكّل الأركان التي تقوم عليها تلك التجربة، وحدد تلك الخصائص كالتالي:

* تجربة عقلانية: فالتجربة الدينية تقوم على أساس من المعرفة يعتمد على القرآن والسنة الشريفة المفسرة له والمطبقة لتعاليمه كنموذج مثالي يقتدي به المسلم في حياته، وهي تجربة خالية من الأسرار الدينية، وبعيدة عن الغموض، ومصادرها غير أسطورية مثل أديان عديدة؛ ولهذا لم تظهر في الإسلام "وظيفة" رجل الدين الذي يعمل كوسيط بين العبد وربه، ويقوم بالمصاحبة في أداء الطقوس والشعائر التي تحتاج إلى توضيح وشرح، وإلى كشف للأسرار.



* تجربة اجتماعية: يدعو الإسلام صراحة إلى عدم الانعزالية، ورفض المجتمعات الدينية المنعزلة مثل الرهبنة في المسيحية وغيرها؛ فالإسلام دين حياة، والحياة فيه هي المحك التطبيقي للتجربة الدينية لكل خلق الله؛ حتى تظل الحياة طبيعية، ويظل المجتمع مستقراً؛ فأنت تجد في كل الشعائر والتعاليم الإسلامية بُعداً اجتماعياً حريصاً على وحدة المجتمع وصلابته وصحته.



* تجربة دينية دنيوية وأخروية: الإسلام يحرص على سعادة الإنسان في الدنيا والآخرة، ويدعوه للاهتمام بكليهما؛ إذ إن الدنيا طريق للآخرة، طريق لا ينبغي أن يكون كله شقاء؛ فالحياة المتوازنة والوسطية هي المقصودة، وليس أبلغ من مقولة "عمرو بن العاص": "اعمل لدنياك كأنك تعيش أبداً واعمل لآخرتك كأنك تموت غداً".

أعظم بـِنـْية لأعظم دين

الإسلام دين ذو "بنية" متماسكة قوية شاملة، تتناسب مع عِظَم رسالته وعموميتها، وقد استفاد من البنية العظيمة للإسلام العديد من الديانات الأخرى؛ فأعادت تنظيم نفسها بوحي من تلك البنية برغم خلافاتها مع الإسلام؛ فازداد الاهتمام بعلم اللاهوت وعلم الكلام وغيرها من العلوم في المسيحية واليهودية بعد ظهور الإسلام، لإعادة تنظيم تلك الأديان من الداخل.

ودعونا نستعرض سريعاً بنية الدين الإسلامي، والتي منها "البنية التوحيدية" أي الاعتقاد في وجود الله ووحدانيته كأساس للعقيدة ورفض ما عدا هذا من شرك وتعدد للآلهة، أما "البنية التشريعية" للدين؛ فتمثّل الجانب النظري الذي يؤمن به كل مسلم، وهو موجود في القرآن الكريم كشريعة تنظّم علاقة الإنسان بنفسه وبالكون وبالحياة، والمبنية على العقيدة نفسها.

أما "البنية الأخلاقية"؛ فهي تهتم بالأخلاق كسبيل لسعادة حقيقية للإنسان، والإسلام يرى أن العقيدة بدون أخلاق أمر لا يمكن تصوّره، وقد عرّف الرسول الكريم الدين بأنه "حسن الخلق"، وتتمثل تلك "البنية الأخلاقية" في مبادئ حرّية الإرادة الإنسانية والاعتراف بالمسئولية الفردية وتمييزه للخير والشر؛ فالإنسان هو المسئول عن أفعاله التي لا يصحّ أن يتحمّلها عنه غيره.

وينفرد الدين الإسلامي ببنيته الحضارية؛ فجميع الحضارات الإنسانية ارتبطت بشعوبها؛ في حين ارتبطت الحضارة الإسلامية بالإسلام كدين في كل وقت ومكان، ولا يمكننا مثلاً الحديث عن حضارة هندوسية أو بوذية أو يهودية أو مسيحية؛ لعدم ارتباط الدين بالإنجازات الحضارية لأتباع تلك الديانات مثلما حدث مع الإسلام والمسلمين.

وهكذا اكتملت العناصر المكوّنة لبنية الدين الإسلامي؛ حيث يجمع في بنيته بين الأسس الإلهية والتوحيدية والعقدية والتشريعية والأخلاقية والحضارية، وهي أسس لم تجتمع في دين آخر.

فضل الإسلام ومكانته في تاريخ الأديان

أما آخر فصول كتابنا "علاقة الإسلام بالأديان الأخرى"؛ فيتناول قضية مهمة جداً لا يلتفت إليها الكثيرون من المسلمين وغير المسلمين، وهي فضل الإسلام ومكانته في تاريخ كل الأديان، وهذا الفضل يعزوه المؤلف إلى الخصائص المميزة للإسلام عن بقية الأديان، ويشرح المؤلف بعض تلك الخصائص المميزة للإسلام، ونستعرض منها:

1. افتقدت بقية الأديان لتلك البنية المتكاملة والشاملة للإسلام، والتي تتسم بالوضوح من ناحية العقيدة، والشريعة وممارسة الدين في حد ذاته، وتتطرق لكافة جوانب الحياة البشرية، وهي كلها قضايا شائكة وصعبة، وغير موضّحة بالنسبة لأتباع باقي الديانات في حين أن الإسلام هو أكثرها وضوحاً، وباب الاجتهاد والعلم فيه مفتوحان دوماً، وهذا يفسّر الحضارة العظيمة التي خرجت من كنف الإسلام الحنيف والتي أفاد منها باقي البشرية إلى اليوم.

2. الإسلام هو دين الفطرة؛ فكان -ولازال وسيظلّ- يدعو إلى التوحيد كأصل إنساني، لن تستقيم البشرية بدونه، وكذلك التأكيد على عالمية الإله الواحد ورفض خصوصيته لأمم أو أديان بعينها مثلما فعل اليهود، مع قبوله للتعددية الدينية كأمر واقع قابل للتصحيح والتغيير؛ فاتسم الإسلام بصفتين مهمتين هما: النزعة التسامحية والنزعة التصحيحية في نفس الوقت، وهو أول دين يعتمد أسلوب الحوار كوسيلة للاتصال بأهل الأديان والتفاعل معهم بعيداً عن الإكراه والصراع، وكل من يفعل غير ذلك باسم الإسلام؛ فإنه قد أساء للإسلام وعمل بما ليس فيه.

وكتابنا اليوم دعوة رائعة لفهم أعمق للإسلام موجهة حتى للمسلمين أنفسهم، الذين يظلمونه عندما يكتفون بالقشور ويفتقدون كل تلك العظمة والروعة في دينهم الحنيف، التي استفاد منها غيرهم، ويؤرقهم وجودها.. فنحن جميعاً علينا مسئولية أن يظلّ الإسلام هو راية الإنسانية الجميلة علماً وعملاً إلى يوم الدين، بأن نكون كما يقول الله عنا {كنتم خير أمة أخرجت للناس} [آل عمران: 110].


بحث مفصل



المقالات ذات صله