من هو خضر سيدنا موسي


سيدى الخضر من أنت؟.. العلماء اختلفوا حول هويته ونبوءته.. مؤرخون: مار جرجس أو النبى إيليا.. علماء: حفيد آدم أو ابن ملك عادل من نسل نوح.. باحثون: يشبه الإلهيين بوذا وبعل.. و"السيوطى" وصفه بالخلود وابن تيمية كذب

الخضر من أنت؟

من الشخصيات المهمة التى ربما يتوقف أمامها مؤرخو التاريخ الإنسانى والدينى، شخصية "الخضر" لما يرتبط من ذكره من حكايات وأساطير، لم يعلم مدى دقتها، سوى المذكور في النصوص الدينية المقدسة، هو شخصية خلدته الأديان والحضارات معا، لكن حتى الآن لم نعرف من هو.



يسمى الخضر، ولم يكن ذكره في التاريخ بقدر النماء الذى يدل عليه اسمه، صفاته ومواقفه مع النبى موسى، كما وصفها القرآن وبعض الأحاديث النبوية، غير ذلك تبدو الأقاويل عن الخضر، وكينونته، وحقيقة كونه نبى أم ولى من أولياء الله، كلها تكهنات لا يوجد دليل واضح عليها. الخضر هو الشخص الذي ورد ذكره في القرآن في سورة الكهف كعالم، ويعتبر شخصا مقدسا لدى العديد من الديانات مثل المسيحية، والدرزية، واليهودية، في العديد من التقاليد الإسلامية وغير الإسلامية، وصف بأنه ونبي، وولي، وعبد، وملاك.



الخضر نبى أم رجل تقى؟

واختلف العلماء حول إن كان الخضر نبيا أو وليا من الأولياء، ولكن بحسب إحدى المواقع الإسلامية، فالأقرب أنه نبي - كما يبدو من الآية الكريمة التي تلوناها من سورة الكهف (وما فعلته عن أمري) - فهي دليل على أنه فعل ذلك عن أمر الله، ومن وحيه لا من عند نفسه، فالأرجح أنه نبي وليس مجرد ولي.



الخضر حى أم مات؟

كما هناك ثمة اختلاف ظاهر حول إن كان الخضر خالدا ولا يزال حيا يرزق، أم أنه رفع إلى السماء مثله مثل يسوع المسيح (حسب الاعتقاد الإسلامي) وبين أنه مات على الأرض، فالإمام السيوطي يراه خالداً في الأرض، كما الأنبياء إلياس وعيسى وإدريس، إلا أن إدريس والمسيح رفعا إلى السماء، أما الخضر وإلياس فيعشان في الأرض، ونسب للحسن البصري، قوله: وكل إلياس بالفيافي، ووكل الخضر بالبحور، وقد أعطيا الخلد في الدنيا إلى الصيحة الأولى، وإنهما يجتمعان في موسمٍ كلَّ عام، حسبما نقل ابن حجر، إلا أن العديد يكذب هذا الادعاء، كابن تيمية وأصحاب الفكر السلفي، كما أن أدلة من القرآن والسنة والمعقول وإجماع المحققين من الأمة على أن الخضر ليس حيًا.



وينقل ابن حجر عن الفقيه والمحدث يحيي ابن شرف النووي، أن أغلب العلماء يعتقدون أن الخضرَ حيٌّ "وذلك متفق عليه عند الصوفيّة وأهل الصلاح والمعرفة، وحكايتهم في رؤيته والاجتماع به والأخذ منه وسؤاله وجوابه ووجوده المواضع الشريفة ومواطن الخير أكثر من أن تحصى وأشهر من أن تذكر".



الخضر حفيد آدم

وبحسب ما ذكره ابن كثير في "البداية والنهاية"، أما الخضر فقد تقدم أن موسى عليه السلام رحل إليه في طلب ما عنده من العلم اللدني. وقص الله من خبرهما في كتابه العزيز في سورة الكهف، المصرح بذكر الخضر عليه السلام وأن الذي رحل إليه هو موسى بن عمران نبي بني إسرائيل عليه السلام الذي أنزلت عليه التوراة، وقد اختلف في الخضر في اسمه ونسبه ونبوته وحياته إلى الآن - على أقوال - سأذكرها لك ههنا إن شاء الله وبحوله وقوته.



قال الحافظ ابن عساكر: يقال إنه الخضر بن آدم عليه السلام لصلبه، ثم روى من طريق الدارقطني: حدثنا محمد بن الفتح القلانسي، حدثنا العباس بن عبد الله الرومي، حدثنا رواد بن الجراح، حدثنا مقاتل بن سليمان، عن الضحاك، عن ابن عباس قال: الخضر بن آدم لصلبه، ونسيء له في أجله حتى يكذب الدجال، وهذا منقطع وغريب.







وقال أبو حاتم سهل بن محمد بن عثمان السجستاني: سمعت مشيختنا منهم أبو عبيدة وغيره قالوا: إن أطول بني آدم عمرًا الخضر، واسمه خضرون بن قابيل بن آدم. قال: وذكر ابن إسحاق: أن آدم عليه السلام لما حضرته الوفاة، أخبر بنيه أن الطوفان سيقع بالناس، وأوصاهم إذا كان ذلك أن يحملوا جسده معهم في السفينة، وأن يدفنوه معهم في مكان عينه لهم.



ووفقا للباحث وليد فكرى في كتابه "أساطير مقدسة" وحاول البعض معرفة أصله، فقيل هو ممن آمنوا بالنبى إبراهيم وخرجوا معه من بلاده، وقيل إنه حفيد آدم مباشرة من ابنه قابيل، وإن آدم حين حضره الموت كان قد أخبر أبناءه بالطوفان، وأوصاهم أن يحملوا جثمانه فى السفينة، حتى إذا ما استقرت وابتلعت ماءها دفنوه فى موضع عينه لهم، فلما وقع الطوفان حملوا جسده، ثم عندما جفت الأرض تقاعسوا عن دفنه فدفنه حفيده الخضر، وكان آدم قد دعا بطول العمر لمن يدفنه، فنال الخضر الدعاء، فهو يعمر حتى يشهد خروج المسيخ الدجال ويكذبه.



الخضر ابن ملك عادل من نسل نوح

وفى كتاب "عرائس المجالس للثعالبى" فإن الخضر ابن ملك عادل لكن أباه وقومه لم يكونوا يعبدون الله، وكان اسمه قبل حمل لقب الخضر، هو بليا بن ملكا بن فالغ بن عابر بن شالخ بن أرفخشذ بن سام بن نوح، وكان آنذاك فتى وحيد أبيه، فأراد الأب أن يزوج ابنه لينجب ولدا ويستمر الملك فى عقبه، ولكن الابن كان عازفا عن الزواج زاهدا فى الحكم راغبا فى أن يتفرغ لعبادة الله.



وألح الأب فى تزويج ابنه، وبالفعل زوجه ابنة أحد الملوك، فلما اختلى بها الابن قال لها "إنى رجل مسلم لست على دين أبى، وإنى عارض عليك أمرا فاكتمى سرى لتنالى النجاة فى الدنيا والآخرة، ولا تفشيه فتهلكى فى الدنيا والآخرة، إما أن تتركينى أتفرغ للعبادة وتتابعينى على دينى، وإما أن أرسلك إلى أهلك" فاختارت متابعته على دينه وتركه يتفرغ لعبادة ربه وكتمت سره.



الخضر هو القديس مار مرقص أو النبى إيليا

وبحسب كتاب "القصص القرآنى ومتوازياته التوراتية ص 128" للمفكر السورى فراس السواح، أنه أثناء عصر الحروب الصليبية والتبادل الثقافى الذى حصل بين الثقافتين العربية والأوربية، ظهر إلى الوجود شخصية جديدة تجمع بين الخضر ومار إلياس إلى نموذج فرنسى هو القديس مار جرجس، كما يدعى فى بلاد الشام، وقد نسجت لهذا القديس سيرة حياة تقول بأنه كان بطلا من أبطال الإيمان المسيحى، عاش فى مدينة اللد بفلسطين، وأنقذ ابنة الملك التى اعتنقت المسيحية من تنين هائل صرعه بحريته.



ووفقا لما جاء فى كتاب "تاريخ الموصل 1-2 ج2 ص 98" للقس سليمان صائغ الموصلى، قيل إن الخضر لقب صاحب النبى موسى، ويكنى بأبى العباس، قيل أنه هو إليا وهو نبى مشهور وقيل أنه مار جرس، وهو ما يتفق مع ذكره كتاب "عيون الأنباء فى طبقات الأطباء" لابن أبى أصيبعه، حيث يذكر فى إحدى إشارات الكتاب توضيحا عن "الخضر" بأنه أحد الأنبياء الذى أرشد النبى موسى، وقد حظى عند الصوفيين بمركز ممتاز ويطلق عليه النصارى اسم القديس جرجس أو النبى إيليا.



يشبه الإله بوذا والإله بعل

ويعود للكتاب للتأكيد على أن المدقق فى بدايات قصة الخضر (الأمير الزاهد فى الحكم، الهارب من زينة الحياة الدنيا) يلاحظ تشابها قويا مع قصة "جوتاما/ بوذا" فى الموروث الروحى الأسيوى أو شخصية إبراهيم ابن أدهم فى صياغتها الصوفية، فكل منهما ابنا لأسرة نبيلة ترك الثراء وزهد النعيم الدنيوى، وتفرغ للعبادة والتأمل.



الإله بعل



وذهب الباحث فراس السواح، إلى أن شخصية الخضر قد امتزجت فى الموروث الشعبى بشخصيات بعض الآلهة، مثل الإله "بعل" الفينيقى الذى يتحكم بالأجواء وينشر الخضرة، ويدلل على ذلك بأن الفلاحين الذين كانوا منذ قرون طويلة يذكرون بعل وهم يزرعون ويحصدون، قد صار أحفادهم الآن يذكرون اسم الخضر وهم يمارسون النشاط نفسه.



الخضر زامل ذى القرنين

ذو القرنين



ووفقا للعديد من المراجع يقال إن الخضر ربما كان من قادة ورجال ذي القرنين، تلك الشخصية التقية التي ملكت الأرض، بحسب الرواية القرآنية، حيث أراد ذو القرنين أن يخلد ولا يموت، فأخبرته الملائكة أن هناك عين ماء من شرب منها لا يموت، فانطلق ذو القرنين بجيشه يبحث عن العين لسنوات، و وقال أبو جعفر الطبري:

"وكان الخضر في أيام أفريدون الملك بن الضحاك في قول عامة علماء أهل الكتاب الأول، وقيل: موسى بن عمران (عليهما السلام) وقيل: إنه كان على مقدمة ذي القرنين الأكبر الذي كان على أيام إبراهيم الخليل وإن الخضر بلغ مع ذي القرنين أيام مسيره في البلاد نهر الحياة فشرب من مائه وهو لا يعلم به ذو القرنين ولا من معه فخلد وهو حي عندهم إلى الآن، وقال آخرون إن ذا القرنين الذي كان على عهد إبراهيم الخليل هو أفريدون بن الضحاك وعلى مقدمته كان الخضر وهذا الرأي ضعيف".


بحث مفصل



المقالات ذات صله