لماذا شبّه الله الدنيا بالماء فى القرآن الكريم ؟!

لماذا شبّه الله الدنيا بالماء فى القرآن الكريم ؟!

قـــــــــــال تعالى :

{ إِنَّمَا مَثَل الْحَيَاة الْدُّنْيَا كَمَاء أَنْزَلْنَاه مِن الْسَّمَاء

فَاخْتَلَط بِه نَبَات الْأَرْض مِمَّا يَأْكُل الْنَّاس وَالْأَنْعَام

حَتَّى إِذَا أَخَذَت الْأَرْض زُخْرُفَهَا وَازَّيَّنَت وَظَن أَهْلُهَا أَنَّهُم قَادِرُوُن عَلَيْهَا

أَتَاهَا أَمْرُنَا لَيْلَا أَو نَهَارا فَجَعَلْنَاهَا حَصِيْدا كَأَن لَم تَغْن بِالْأَمْس كَذَلِك

نُفَصِّل الْآَيَات لِقَوْم يَتَفَكَّرُوْن }

[يُوْنُس:24]

وَقَــــــــــــال تَعَالَى أَيْضا :

{ وَاضْرِب لَهُم مَّثَل الْحَيَاة الْدُّنْيَا كَمَاء أَنْزَلْنَاه مِن الْسَّمَاء

فَاخْتَلَط بِه نَبَات الْأَرْض فَأَصْبَح هَشِيَما تَذْرُوْه الْرِّيَاح }

[الْكَهْف: مِن الْآَيَة45]

إِخْوَتِي فِي الْلَّه ..

فِي الْآَيَات الْسَّابِقَة شَبَّه الْلَّه تَعَالَى الْدُّنْيَا بِالْمَاء :

فَلِمَاذَا هَذَا التَّشْبِيْه ؟!

فَلْنَقْرَأ مُتَأَمِّلِين فِيْمَا قِيَل :

لماذا شبّه الله الدنيا بالماء

قِيَل لِأَن الْمَاء لَيْس لَه قَرَار وَكَذَلِك الْدُّنْيَا

وَقِيْل لِأَن الْمَاء إِن أَمْسَكْتَه تَغَيَّر وَنَتْن وَكَذَلِك الْدُّنْيَا لِمَن أَمْسَكَهَا بَلِيَّة

وَقِيْل لِأَن الْمَاء يَأْتِى قَطْرَة قَطْرَة وَيُذْهِب دُفْعَة وَاحِدَة وَكَذَلِك الْدُّنْيَا

وَأَيْضا الْمَاء يَسْتُر الْأَرْض وَكَذَلِك الْمَال ( وَهُو رَمْز لِلْدُّنْيَا )

يُغَطَّى عَيْب الْرَّجُل

وَأَيْضا الْمَاء طَبْعُه الْنُّقْصَان كَذَلِك الْدُّنْيَا

وَأَيْضا الْمَاء يَكُوْن فِى مَوْضِع كَثِيْر وَفِى مَوْضِع قَلِيْل كَذَلِك الْدُّنْيَا

وَأَيْضا لَا يَقْدِر أَحَد أَن يَرُد الْمَطَر كَذَلِك لَا يَقْدِر أَحَد أَن يَرُد الْرِّزْق

وَقِيْل الْمَاء قَلِيْلُه رَى لِلْعَطْشَان وَكَثِيْرِه دَاء كَذَلِك الْدُّنْيَا

وَقِيْل الزَّرْع يُفْسِد بِالْمَاء الْكَثِيْر كَذَلِك الْقَلْب يُفْسِد بِالْمَال الْكَثِيْر

وَأَيْضا الْمَاء كُلَّه لَا يَكُوْن صَافِيا كَذَلِك الْمَال فِيْه الْحَلَال وَالْحَرَام وَالْشُّبْهَة

وَأَيْضا الْمَاء يُطَهِّر الْنَّجَاسَات كَذَلِك الْمَال الْطَّيِّب الْحَلَال يُطَهِّر دَنَس الْآَثَام .

قَـــــــــال الْلَّه تَعَالَى :

{ خُذ مِن أَمْوَالِهِم صَدَقَة تُطَهِّرُهُم وَتُزَكِّيْهِم بِهَا }

[الْتَّوْبَة: مِن الْآَيَة103]

وَعَلَى الْجُمْلَة فَإِن هَذَا التَّشْبِيْه يُفِيْد أَن:

كَلَّا مِن الْمُشَبَّه وَالْمُشَبَّه بِه (الْدُّنْيَا وَالْمَاء) إِذَا نَزَل وَأَثْمَر ثَمَرَتُه

يَمْكُث مَا شَاء الْلَّه وَهُو فِى إِقْبَال وَبَرَكَة ثُم عَمَّا قَلِيْل

يَضْمَحِل وَيَزُوْل وَالْعِلْم عِنْد الْلَّه تَعَالَى .

فَاجْعَل أَخِي / أُخْتِي فِي الْلَّه نَفْسِك فِي الْدُّنْيَا

كَمَا دَلَّنَا رَسُوْلُنَا الْكَرِيم عَلَيْه الْصَّلَاة وَالْسَّلَام

فِي قَـــــــــــــوْلِه :

" مَالِي وَلِلْدُّنْيَا ؟ مَا أَنَا فِي الْدُّنْيَا إِلَّا كَرَاكِب اسْتَظَل

تَحْت شَجَرَة ، ثُم رَاح وَتَرَكَهَا ."

صَحِيْح الْأَلْبَانِي

وَلَقَد جَاء فِي الْأَثَر

مِن وَصَايَا عِيْسَى عَلَيْه الْسَّلَام :

[ الْدُّنْيَا قِنْطَرَة فَاعْبُرُوْهَا وَلَا تَعْمُرُوهَا ]

وَقَوْلُه أَيْضا :

[ مَن ذَا الَّذِي يَبْنِي فَوْق مَوْج الْبَحْر دَارا ؟!

تِلْكُم الْدُّنْيَا فَلَا تَتَّخِذُوْهَا قَرَارا ]

وَقِيْل لِنُوْح عَلَيْه الْسَّلَام :

يَا أَطْوَل الْأَنْبِيَاء عُمْرَا كَيْف رَأَيْت الْدُّنْيَا ؟ ..

قَــــــــــــــــــــال :

[ كَدَّار لَهَا بَابَان دَخَلْت مِن أَحَدِهِمَا وَخَرَجْت مِن الْآَخَر ]

فَطُوْبَى لِمَن كَان صَمْتُه فِكْرَا وَنَظَرِه عِبْرَة

جَعَلَنِي الْلَّه وَإِيَّاكُم مِنْهُم .


بحث مفصل



المقالات ذات صله